من بلغ ليكون حبيبًا لله - عزّ وجلّ -، يصبح تحت رعايته، ومن يغدو تحت ظله، يصبح وليًّا، ومن بارزه كمن حاربه عز في علاه، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ من بلغ ليكون حبيبًا لله - عزّ وجلّ -، يصبح تحت رعايته، ومن يغدو تحت ظله، يصبح وليًّا، ومن بارزه كمن حاربه عز في علاه، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِها، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ". وفي الرواية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: "قال الله - عزّ وجلّ -: لِيأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن، ولْيأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن، ولو لم يكن في الأرض فيما بين المشرق والمغرب إلا مؤمن واحد مع إمام عادل، لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي، ولقامت سبع سماوات وأرضين بهما، ولجعلت لهما من إيمانهما أنسًا لا يحتاجان إلى أنس سواهما". ولأجل هذه المحبة العظيمة من الله تعالى لعبده المؤمن، كان من كبائر الذنوب قصدُ المؤمن بما يسوؤه ويؤذيه. ما المُراد بالأذى؟ المُراد منه كل كلمةٍ أو حركةٍ تجرح مشاعر الطرف الآخر، وقد يكون الأذى جسدّيًا بالقتل أو الضرب أو الحبس أو التعذيب ونحوه، وقد يكون غير جسدي كالقول والشتم واللعن والغيبة والنميمة والبهتان والتعيير وشبهه. وعرّفوه بأنه أفعال من الأذى، وهو كلّ ما يتأذّى به الإنسان ويكرهه، فيقال: أذَيَ الرجل أذىً، أي وصل إليه المكروه، وآذيته إيذاءً، أو كلّ ما يصل إلى الحيوان أو الإنسان من الضرر، في روحه أو جسمه أو تبعاته، دنيويًّا كان أو أخرويًّا. أما الأذى في الاصطلاح فقد ذكروه بمعناه اللغوي نفسه، وهو إيصال الضرر والمكروه إلى من لا يستحقه في نفسه، دنيويًّا أو أخرويًّا. وقد أشار المولى المازندراني رحمه الله إلى معنى قريب منه: "الأذى لفظ شامل لجميع أنواع الخصال المذمومة، مثل الضرب والشتم والهجو والغيبة والتهمة وغيرها" من أمثلة الأذية في المشاعر: التناجي وإحزان المؤمن ولا يخفى عليك أن الشريعة نهت عما فيه أذية لمشاعر المؤمن، وأكّدت على ضرورة التلطف به بأحاسيسه، وهو ما يسمى بأدب المجالس، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فلا يَتَناجى اثْنانِ دُونَ الثالث، فإن ذلك يُحْزِنَه" لماذا؟ ما هي العلة المهمة جداً التي ينبغي لنا أن نفقهها في منع التناجي؟ يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذيل الحديث: (من أجل أن يحزنه)، فصار الحزن هو المانع من التناجي، وهو السبب. لماذا يحزنه؟ قد يَحزن المسلم أو المؤمن لأسباب، منها: ربما يتوهم هذا الرجل الثالث أن الاثنين المتسارَّين يُبيِّتان له أمر سوء، يحيكان شرًّا حوله، فلأجل ذلك مُنع التناجي. من أجل الاختصاص بالكرامة، يعني: كأن هذين المتناجيَين يقولان بلسان الحال لا بلسان المقال: إنك، أيها الثالث الذي تناجينا دونك، لست بأهل لسماع كلامنا، وهذا الكلام ليس على مستوايَ إلا أنا وصاحبي، أما أنت فلست بأهل له، وليست هذه كرامة لك، وإنما كرامة لنا نحن المتناجيَين. فهذه العلة أيضاً فيها الحزن الذي بيّنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يعني: أن فيها احتقارًا للشخص الثالث، لأنه ليس على مستوى الكلام كما يدّعيان. وهذا يدلُّ على منع أذيَّة المؤمن، ولو لم تكن متعمَّدة، وحتى لو كانت لغرضٍ شرعي، فكيف بالأذى المتعمَّد في موافقة هوى النَّفْس وشهوتها! وفي الرواية الدالة على حرمة الإنسان المسلم، عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تَحاسَدوا، ولا تَنَاجَشُوا، ولا تَبَاغضوا، ولا تَدَابروا، ولا يَبِعْ بعضُكم على بيع بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا. المسلم أخو المسلم، لا يَظلِمه، ولا يخذله، ولا يحقّره. التَّقْوى ها هنا - ويُشير إلى صدره الشريف ثلاث مرَّاتٍ - بحسْبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِّر أخاه المسلم. كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ، دمه وماله وعِرضُه"[9].[10] فهل نقصر على هذا المعنى؟ لا بدّ من التنبه إلى شدة ابتلائنا بمسألة الأذى وعدم إحساسنا بصدوره منا، وخصوصًا مع غفلتنا عن معرفته وعدم الالتفات إليه، والحال أن الأمر في بعض الأحيان- مع عظمه - لا يكون مقتصرًا على فرد محدد، بل قد يطال أكثر من ذلك، فيصدر الأذى إمَّا للدائرة القريبة منك كالزوجة، والأبناء والأهل والأرحام، وإمّا للدائرة البعيدة كالجيران، وقد يصل إلى أبعد من ذلك، بدءاً من الأذى للأنبياء والرسل، والأذى الاجتماعيّ العامّ كالتعرض لأهل الجهاد وعدم نصرتهم في وقت المحنة، وأذى البيئة والطبيعة، وصولاً إلى أذى النفس. وما دام التعاطي مع هذه الدوائر قائمًا، فنحن معرضون لصدور الظلم والأذى منّا اتجاه الآخرين. من مصاديقه (أذية المؤمن في مشاعره، مضايقة المسلمين في الطرقات، مثل رمي النفايات وإيقاف السيارات وحجز الأرصفة، مضايقتهم في المجالس كالرائحة الكريهة، الغيبة والنميمة، والسباب والشتائم والقدح والقذف، أذية الزوج والزوجة، تسلط المسؤولين على مرؤوسيهم بغير حق، وهضم حقوقهم وتأخير مصالحهم، خلط الحقائق وتلبيس الوقائع وحجب الثقافة والوعي، استغلال حاجة الناس وفقهرهم والتحايل عليهم، عدم الجهاد بالمال مع القدرة عليه، الاعتداء على ممتلكات الآخرين، وتخريبها، قتل النفس المحترمة، نشر الفساد وأدواته. ومنها التدخل في عمل الغير وتقويمه، وتنقيص العلماء واتهامهم). |